الأربعاء، 13 أبريل 2011

قليلاً من التعقل ياهالة الدوسري !


تحمل بعض زوايا الكتّاب عدداً من المتناقضات ، متدثرة برداء الثقافة الاجتماعية  ،  لاسيما في شؤون المرأة السعودية ! حتى أني عندما أقرأ بعض كتاباتهم  ، أحسب أن الواحد منهم أجهل من الجهل نفسه ، أو مستغرباً أكثر من الغربيين أنفسهم !

ومن ذلك المقال المنشور  يوم السبت الموافق 5/5/1432هـ ، في صحيفة الحياة للكاتبة هالة الدوسري بعنوان " النسوية السعودية وحقيقة التأثير " ، الذي صرحت فيه بعدم وجود لتأثير المرأة السعودية في الشأن العام ، كونها  تمارس دورها ( التقليدي – كما تسميه - ) ، مؤكدة أنَّ المرأة إنسان  وليست أماً وزوجة فقط؟ !

لا أعلم حقيقة من سلب المرأة السعودية إنسانيتها ؟!  ولا أعلم على أي أساس تمَّ إطلاق هذا الوصف على المرأة في بلدي ؟! وهي  التي أثبتت وجودها بقوة في منزلها ، وفي مسيرة الحراك الثقافي ، وسجلت حضوراً لافتاً في جميع المجالات المختلفة عالمياً وإقليمياً ومحلياً  ، ولغة الأرقام والإحصائيات تثبت تفوقها !

فبحسب المؤشرات للهيئات الدولية تعتبر المرأة السعودية  من أكثر النساء مشاركة  في المجال الاقتصادي على مستوى العالم العربي ،حيث انضمت (20) سيدة سعودية إلى منظمة سيدات الأعمال في العالم العربي، المنبثقة من منظمة سيدات الأعمال العالمية التي تشترك فيها (200) سيدة، إضافةً إلى أن إجمالي ما تمتلكنه النساء السعوديات يبلغ (40%) من الثروة الخاصة في المملكة العربية السعودية ، هذا عدا أن  أول عملية ناجحة لزراعة الرحم كانت تقف خلفها سعودية ، وكذلك اكتشاف علاج للسرطان المأخوذ من المواد الموجودة في بول الإبل ، بالإضـافة إلى ثـورة في اكتشافات خلايا الدم وغيرها الكثير .

وأكدت وزارة الاقتصاد والتخطيط في تقرير التنمية البشرية الأخير على نتائج موثقة تدحض هذا التباكي المزعوم على دور المرأة السعودية المعطل ! :


-   ارتفعت نسبة مشاركة الإناث في سوق العمل -وخاصة المتعلمات- إذ بلغت (78.5%) لحاملات الدبلوم، و(75.6%) لحاملات البكالوريوس، مما يمثل مؤشرًا إيجابيًا لمشاركة المرأة السعودية في النشاط الاقتصادي (تقرير التنمية البشرية - ص148).

-   تقدر نسبة السعوديات اللاتي يعملن في مجال التعليم بـ(82.7%)، وتقدر نسبة العاملات في مجال الصحة والعمل الاجتماعي بنحو (7.5%)، أما نسبة العاملات في القطاع المصرفي فتبلغ (20%) (تقرير التنمية البشرية - ص 154).

بل أين الكاتبة التي غاب عنها الإنصاف من بعض القوانين الدولية ، كقوانين بلد الصحفي الغربي الذي أجابته بحزن شديد على سؤاله : بأن لا تأثير للمرأة السعودية في الشأن العام ! ، أينها من بعض القوانين الفرنسية في فترة  ما بعد الثورة الفرنسية  التي نصت على :  أنَّ المرأة  تتساوى مع فاقدي الأهلية ( المجانين ) والأطفال، والمجرمين  !! ، بل إنَّ  أمريكا  كانت حتى عام 1920م   تساوي بين المرأة والعبيد وتحرمها الحقوق السياسية بالكامل . 

من التسطيح حقاً للحقائق أن تربط تغييب النساء في بلدي ورفضهن أي فسحة من الأمل لمنحهن استقلالاً  – كما تزعم – برفع خطاب مضاد للخطاب المطالب بالسماح بقيادة المرأة للسيارة لمجلس الشورى من قبل ثلة من النساء المثقفات والمتعلمات واللاتي يشغلن مناصب قيادية ! ففي نظرها أنَّ ذلك الحق ( الكبير ) في القيادة هو من يجعل المرأة أن تستطيع استيعاب وجود حياة كاملة تنتظرها بلا حاجة حقيقية ليقوم على شؤونها أي شخص غيرها؟!

ألا رحم الله حال الأرامل والمطلقات والمعلقات وكبيرات السن ممن يفتقدن المعيل ! ورحم حقوقهن وحاجاتهن الحقيقية !

أحرف المقال الذي تذرع بشعار النسوية بشكل صريح يتوافق مع السياسة المعلنة لهيئة الأمم  المتحدة التي تجعل الاتفاقيات الدولية مرجعية عالمية موحدة  لشؤون المرأة ، والحركة النسوية – كما هو معلوم -  حركة غربية عرفت سابقاً بحركة تحرير المرأة ، وهي تنبثق من فلسفة ترفض تماماً وجود الرجل في حياة المرأة ، وترفض خبراته ، وصولاً لجعل علاقة المرأة  بالرجل علاقة صراع وتحدٍ  ، فكما قال د.  عبدالوهاب المسيري – رحمه الله - : " الفكر النسوي الغربي عبارة عن هجوم على طبيعة الإنسان الاجتماعي ، و إلغاء الثنائية الإنسانية ( الذكر والأنثى) الذي يستند إليها العمران الإنساني ".

ومؤخراً  أعلنت الأمم المتحدة  في " مؤتمر بكين +15" عن إنشاء هيئة جديدة خاصة تجمع تحتها كل هيئات الأمم المتحدة المعنية بذلك ، وقد رصدت ( بليون ) دولار لتأسيسها ، لتضمن نفوذاً  واسعاً كونها تتبع الأمين العام مباشرة ، وعليه ستتيح مساحة واسعة ذات تأثير أكبر لعمل المنظمات والجمعيات النسوية غير الحكومية !

فهل  يمكن تجاهل ما وراء هذه الآراء ، و تقبل سطحية اختزالها لقضايا المرأة السعودية في نموذج قيادتها للسيارة ! ، وجعلها عاملاً رئيساً لعيشها كإنسان ؟!
بقلم / قمراء السبيعي
*كاتبة وباحثة تربوية
7/5/1432هـ
 ......................................................................

تقرير البي بي سي عن المرأة السعودية الذي استشهدت به الكاتبة تجدونه على هذا الرابط ، مع التنبيه أن المقطع به موسيقى :

......................................................................
      "النسوية "السعودية وحقيقة التأثير!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق