الباحثة قمراء السبيعي ترد على الراشد: (2-1)
ولماذا تصفون مراسلتكم القتيلة بـ ( الشهيدة( ؟!
ذكر المفكر " هربرت شيللر " في كتابه (المتلاعبون بالعقول) أنَّ مديري أجهزة الإعلام يعمدون إلى طرح أفكار وتوجهات لا تتطابق مع الحقائق من خلال غمر المتلقي بالمعلومات بوصفها وعيا جاهزا ـ عبر وسائل الإعلام، ومع ذلك فإنهم لم يتمكنوا ـ حتى لقسم واحد من السكان من منع تزايد فهمهم.
تداعت أمامي هذه العبارات عند اطلاعي على الحوار الذي أجري مع مدير قناة (العربية) عبدالرحمن الراشد بملحق (الدين والحياة) في صحيفة «عكاظ» بتاريخ 18-1-1430هـ لانطباقها عليه تماما سواء في سياسته الإعلامية عبر قناة العربية أو في حواره المنشور الذي أطلق من خلاله عددا من الأوصاف على مخالفيه، ونافيا جملة من الحقائق التي يراها حتى الأعمى !، آثرت أن أفندها في تعقيبي هذا، مستشهدة بعدد من التصريحات التي أدلى بها زملاء له من داخل القناة لا من خارجها إلى المركز الفلسطيني للإعلام (12-1-2009م )، إضافة إلى تقارير من صحف ووكالات عالمية لتفهمي التام لتقديس الراشد لكل ماهو غربي!
أولا: ذكر مدير قناة (العربية) أن من يقول إن «العربية» تمثل الرؤية الأمريكية حيال غزة كاذب، نافيا وصف (العبرية) عنها، راميا بالتهمة قناة منافسة له.
ربما لم يعلم مدير (العربية) أن موظفي القناة ذاتها يؤكدون العكس! لاسيما أن أهل مكة أدرى بشعابها، حيث ذكر أحد موظفي القناة بأن الصور التي بثتها قناة العربية مساء السبت 3-1-2009م، ليلة الاجتياح البري تم أخذها من الدعاية العسكرية للجيش الإسرائيلي! وأنها في حقيقة الأمر دعاية حربية لاستهلاك الجمهور الإسرائيلي بقدرات جيشه !!
وأتساءل: أين المهنية والرؤية غير الصهيو أمريكية في ظهور النبأ العاجل التالي (الدبابات الإسرائيلية تتقدم باتجاه داخل غزة) مساء الجمعة 9-1-2009م، رغم أن الدبابات لم تتخط بعد حدود غزة ؟! الأمر الذي لم تطاوعه مراسلة قناة (العربية) حنان المصري حيث خرجت عن صمتها، مؤكدة أن الخبر"غير دقيق" و"مخالف للواقع"، وعلقت المراسلة وهي في قلب الميدان على ذلكَ بقولها:
هذا يتسبّب في إثارة هلع الناس هنا في غزة،علينا أن ننتبه إلى هذا!، ماذا يسمي مدير (العربية) هذا التوافق بين المصطلحات الإعلامية العبرية ومايسمح ببثه في قناة (العربية) من مصطلحات؟ فالإعلام الإسرائيلي يقول إن الحرب تستهدف "حماس"، ويطلق على المقاومة "مسلحي حماس "وقناة (العربية) تردد مثل ذلك!، ويضيف أحد موظفي القناة في إشارة قاطعة على تأكيد الرؤية التي ينكرها مديرها! إن "بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تستحسن على ما يبدو بعض ما نقدمه للمشاهدين، فيتم الاقتباس عنا، وكلها تقارير تنال من المقاومة و"حماس"، كأنهم ببساطة يرون في ما نفعل خدمات مباشرة أو غير مباشرة للدعاية الإسرائيلية" بين الشهيد والقتيل.
ثانيا : ذكر مدير قناة (العربية) في ثنايا إجابة لسؤال وجه له: لماذا تصرون على تسمية شهداء غزة بالقتلى؟ إن الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ كان حاسما برفض تسمية القتلى بالشهداء!
وأقول: يؤسفني أن المهنية التي ينادي بها مدير قناة (العربية) وصلت إلى أدنى درجاتها هنا، بل ويشير جوابه إلى ازدواجية صارخة للمعايير الإعلامية التي يؤكد أنها تحكمه، ولي مع استشهاده على هذه الفتوى عدة وقفات:
الثانية: هنالك فتوى أخرى صادرة من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم (9284) برئاسة سماحة العلامة عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ تؤكد جواز إطلاق وصف شهيد على من قتل في المعركة، ومن قتل دون دينه، أوعرضه، أو نفسه، أو ماله، بل ويضيف الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ أن من قتل بالصواريخ حكمه حكم الشهداء، وهكذا كل مسلم يقتل مظلوما في أي مكان، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ،ومن قتل دون أهله فهو شهيد) [مجموع فتاوى ابن باز-ج6] ، وأتساءل بدوري هنا: إن كان من ورد ذكرهم في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ممن قتلوا في سبيل دينهم وأموالهم ودمائهم وأهليهم من أهلنا في غزة لايطلق عليهم في الجملة شهداء عند عبدالرحمن الراشد بل قتلى، فعلى من يطلق الشهيد على وجه العموم ؟!
قمراء السبيعي *
كاتبة وباحثة تربوية
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20090122/Con20090122254018.htm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق