السبت، 19 فبراير 2011

لقاء جريدة المدينة





حوار : ميرفت عبدالجبار - جدة
ما أحوج المجتمع الواعي لإسهامات المرأة في جميع الميادين ، إذ أنها جزء لا يتجزأ عن المجتمع ، بل هي اللبنة الأساسية فيه ، ولا تقف قدراتها وإمكانياتها عند جانب معين ، فهي نعم الشقيقة القادرة والمنتجة للرجل ، وبما أن طرق إنتاجها وإسهاماتها في المجتمع تتعدد وتتنوع ، كان لابد من تسليط الضوء على هذا الجانب من حياة المرأة ، الفكري تحديداً والذي تتعدد مجالاته ، منها : الكتابة الإلكترونية كونها وسيلة هامة في العصر الحديث .

 وقد ساعدت الشبكة العنكبوتية على إظهار العديد من المواقع والأقلام النسائية الجادة  المساهمة في بناء الفكر وثقافة المجتمع ، من هذه الأقلام الواعية ، والتي خاضت التجربة الكتابية عبر الانترنت ولاقت قبولاً كبيراً في الوسط العنكبوتي ، الأخت الأستاذة الفاضلة / قمراء السبيعي ، وذلك عبر إسهاماتها المتعددة في مواقع كبرى متفرقة ، كالساحة العربية ، والألوكة ، وأول اثنين ، والقلم ، وآسيا  ، وغيرها ، ويسر جريدة المدينة أن تناقش مع الكاتبة هذه التجربة الفريدة والتي لاقت استحساناً وتعزيزاً لرأي المرأة في الشبكة العنكبوتية .

س/ بدايةً أختنا قمراء : هلاَّ عرفتنا ببدايات دخولك الشبكة العنكبوتية ؟
بداياتي  قبل  تسع سنوات تقريباً ، وكأي وافدٍ مستحدثٍ  كان يُعدُّ عالماً مليئاً بالغموض والأسرار ، ولم نسبر أغواره إلا عندما أبحرنا فيه ، وتلقفنا مايفيدنا منه  ، وباعتباري أعشق القراءة لدرجة يفوق وصفها ، كنت أجد سلوتي في المواقع الفكرية الجادة  وعلى قمتها كانت الساحة العربية ، حيث تُسلط الضوء على القضايا الفكرية المعاصرة ،
لاسيما أنها تحوي بين جنبيها عدداً من النخب الثقافية ، وبعد تمعن ، وسبرٍ لها ، تمَّ انتسابي لتلك المواقع والمنتديات الجادة باسمي الصريح كما ترين .

س/ شاركتِ باسمك الصريح فيها ، والذي قلما يُشارك به محاور الشبكة العنكبوتية  لانتفاء الخصوصية فيها ، لاسيما أن المحاور هُنا إمرأة  ، فهل وجدتِ حرجاً في الكتابة به ، واقتحام أسوار الشبكة من خلاله؟
على العكس إطلاقاً ، بل اسمي الصريح كان مصدر فخرٍ واعتزازٍ لي ولعائلتي التي دفعتني مشكورة قُدماً ، وشجعتني في خوض غمار التجربة ، وعلى رأس الهرم والدي ووالدتي أمدَّ الله أعمارهما على طاعته ، مروراً بإخوتي الأفاضل ، وانتهاءاً بأصغر الهرم  أختي الوحيدة  حفظهم الله جميعاً  بحفظه ، بل أنهم عندما  أغيبُ عن الحقل الكتابي ولم أقدم الجديد يستفقدون أمري  ويشدون من عزمي للعودة مجدداً ، فقواميس الشكر ومفرداته لن تفيهم حقهم ، وطالما الإنسان يدعو لمبدأ  يؤمن به ويعتقده ، فلا حاجة للتخفي وراء أقنعة مستعارة ،  فالاسم الصريح مطلب  للدعوة إلى الحق ، والمنافحة عنه ، فالحرج هُنا يتوارى ، والاعتزاز يتربع .

س / وما الذي دفعكِ  للكتابة في رحاب الشبكة العنكبوتية ؟
 كنتُ ومازلت أضع أمام نصب عيني : أن الإبداع رسالة  ، وعندما تكتب رسالةً وتجاهد لإيصالها  لابد أن يكون في ذهنكَ متلقياً ، وإلا  ضاعت هباء !  فمن أوائل الأمور التي دفعتني للكتابة في رحاب الشبكة تواجد  شريحة كبيرة من القراء  لا يستهان بها حيث نزحت إلى  القراءة الالكترونية عوضاً عن القراءة الورقية ، ولا أدل من ذلكَ إلاَ الأرقام الكبيرة  للقراء التي تسجلها المواضيع المطروحة ، بالإضافة إلى  اتساع دائرة الحرية فيها والتي لاتخضع لإملاءات كائن من كان .

س/  صفي لنا تجربتك الكتابية عبر الإنترنت  ؟ وما الذي شجعك على الاستمرار فيها ؟
تجربتي تعد تجربة بسيطة أمام من سبقوني ، فمازلت تلميذة من تلامذة الشبكة العنكبوتية واسعة الرحاب ، بدأتها  كما ذكرتُ آنفاً ، قارئة ، وسابرة ، ثم مشاركة ، واجهتُ صعوبات كما هي البدايات دائماً ، ولكن  لعلو الهمة ولله الحمد ، ومن ثم تشجيع من حولي في محيط الأسرة ، والأقارب ، والأصدقاء ، والتعليم  -  جزاهم الله خير الجزاء  -  فكان الاستمرار والإصرار على إيصال الرسالة التي من أجلها أكتب ،  والتوفيق من عنده سبحانه ، وأحسب أني مازلت في بداية الطريق ،  ومما يبشر بالخير أن المواقع الحوارية الجادة والتي تتخذ من الوسطية شعاراً ،  ومن النخب الثقافية أقلاماً في ازدياد ولله الحمد  ، وأسعد دائماً بالأقلام النسائية  الجادة التي تتميز بالوعي لما يطرح حولها من حراك ثقافي ، لاسيما أن المرأة وقضيتها تتربع على هرم القضايا المثيرة للجدل حالياً ، وخير من يدافع عن قضيتها ويجلو الغمامة  من حولها هي المرأة نفسها .

س/  مانوع الكتابة والرسالة التي توجهينها في مقالاتك للمجتمع بشكل عام وللمرأة بشكل خاص ؟
رسالتي تتمحور في نشر الوعي لكل من ينادي بإصلاح وضع المرأة السعودية ولكل منساق خلف هذه  القضية ، حيث أؤكد أننا  ننشد الرفعة للمرأة ونشدد على يد كل من ينادي بعلاج المشاكل التي تعاني منها المرأة في المجتمع على أن يتخذ المرجعية الإسلامية ( القرآن الكريم ، والسنة النبوية )   ملاذاً ومرشداً    ، والتصحيح  يكون نابع من نصوصهما ، ولنا في الآية الكريمة  خير دليل ومرشد ( قل إن هدى الله هو الهدى ) لا أن يتم حصر تلك المشكلات وفق الأهواء  والمناداة بالنموذج الغربي وكأنه المنقذ والحل الوحيد لمعاناة المرأة !
فعندما نمنح المرأة كامل حقوقها المشروعة ، وننظر لها النظرة الإسلامية الصحيحة ، فلن يستطيع الإعلام الغربي أو غيره تشويه صورة نسائنا ، بل ستكون المرأة المسلمة هي النموذج الأمثل والقدوة لنساء العالم أجمع ، وبالمقابل علينا أن نفتح ملف المرأة الغربية ونبين إلى أي مدى وصل الظلم عليها هناك من امتهان واحتقار من قبل الرجل الغربي  والذي يستخدمها كسلعة يتاجر بجسدها !
فنحن بحاجة لاستحثاث همة صاحب العلم ، صاحب الفكر ، صاحب القلم ، بالإضافة إلى الهيئات العالمية الإسلامية  للوقوف بقوة تجاه  تطبيق بنود الاتفاقيات العالمية الخاصة بالمرأة والتي تتعارض مع شريعتنا السلامية

س/ ما رأيك بفكر المرأة السعودية بشكل عام  ، وهل ترينها استطاعت مواكبة التغيرات من حولها ؟
 المرأة السعودية أثبتت وجودها بقوة في مسيرة الحراك الثقافي   ، وسجلت حضوراً لافتاً في جميع المجالات المختلفة عالمياً وإقليمياً ومحلياً  ، فلغة الأرقام والإحصائيات تثبت تفوقها ، بل وترد على كل من يحاول الانتقاص  منها باسم التحضر والانفتاح اللا محسوب !
منها على سبيل المثال لا للحصر :   أن المرأة السعودية وحسب المؤشرات للهيئات الدولية تعتبر من أكثر النساء مشاركة  في المجال الاقتصادي على مستوى العالم العربي ،  بالإضافة إلى أن  عدد النساء اللاتي  يشغلن مناصباً إدارية عُليا في المملكة بلغ 12508 ، و بنسبة تبلغ  7.2  % ،   بالإضافة إلى أن  أول عملية ناجحة لزراعة الرحم كانت تقف خلفها سعودية وكذلك اكتشاف علاج للسرطان المأخوذ من المواد الموجودة في بول الإبل ، بالإضـافة إلى ثـورة في اكتشافات خلايا الدم وغيرها الكثير .
هذا عدا أن  لدينا قاعدة لايستهان بها  من الأكاديميات ، العالمات ،  المخترعات ، المعلمات ، الفتيات  المبدعات ، ساهمن في  التنمية  مكونات  هرماً من العطاء يتصاعد باستمرار نحو الأفضل وتمده  جذور من  العطاء لا تنضب ينابيعها ، وحصر – رأيي الخاص -   في أسطر قليلة  يعد ظلماً للمرأة السعودية التي أبهرت  كل من ينظر بعين الإنصاف ، وترد بقوة على كل زاعمٍ أن نصف المجتمع معطِّل أو مشلول  الحركة !

س/ ماهي  الإيجابيات والسلبيات التي ترينها في الشبكة  العنكبوتية؟
لاشك أن الانترنت نعمة  عظيمة ، منَّ الله بها على عباده وتفضل ، ومن الصعوبة إحصاء سلبياته وايجابياته في أسطر قلائل ولكن سأقف على أبرزها :
فمن الايجابيات : توفير كثير من الوقت والجهد عند البحث عن أي معلومة  ، بالإضافة إلى انتشار الكتب والوثائق  الالكترونية لطلبة العلم وذلكَ بضغطة زر واحدة ،  بالإضافة إلى الرد على الشبهات التي تحاول الحط من قدر الإسلام و تقدمه بصورة مغلوطة وتفنيد ذلكَ  بالأدلة والبراهين ونشرها على نطاق واسع  ، كما يمكن الرد على القضايا الفكرية المستحدثة التي تلتبس على العامة ، كما يمكن  متابعة المحاضرات الدينية مباشرة بالصوت و الصورة في بعض المواقع الإسلامية  ، وغيرها الكثير .
ومن السلبيات : عدم حفظ الحقوق للكتّاب وانتشار السرقة الفكرية بشكل كبير  ، والإدمان المتواصل الذي  يؤدي إلى انفراط العقد الأسري والذي بدوره  يؤدي إلى خلخلة  التواصل الاجتماعي والميل إلى العزلة ، وبالإضافة إلى عدم التثبت في  نشر المعلومات التي ربما تكون مغلوطة عن أناس غافلين تجاهل ناقلها مع الأسف توجيه الذكر الحكيم : (  ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ، بالإضافة إلى انتشار بعض المواقع  ذات التأثير السلبي  العقدي ، والفكري ، الأخلاقي .

س/ معلوم أن حقوق الكاتب في الانترنت غير محفوظة ، هل تعرضت لسرقة مقالاتك وكيف تعاملتِ معها ؟
 كما ذكرتُ لكِ في إجابة السؤال السابق  أن أبرز السلبيات في محيط النت هي عدم حفظ الحقوق للكاتب الأصلي ، فالكاتب الذي  يحترم قرائه  لايقدم على هذا الفعل السيئ ، ولكن الشبكة العنكبوتية  لاتخلو  من ضعاف الـأنفس ، وسارقي الجهود ، وكغيري أعاني من سرقة المواضيع ، ولم أعد استغرب سرقة مقالاتي  بل الغرابة تكمن في  عدم سرقتها ! ، فقد كانت  السرقة  في البدايات تزعجني ، وأخاطب من قام بهذا الفعل عادةً ، بعضهم يتراجع  خجلاً  ويذيلها بمنقول عن فلانة  أو ماشابه ذلكَ ، والبعض يتجاهل التنبيه ،  ولكن بعد ذلكَ لم أعد أحرص على تتبع مقالاتي وهل تسرق أم لا  ،   فبالتأكيد يسعدني انتشارها وإن كانت لاتحمل اسمي كتوقيع لها ، فالمهم أن تصل رسالتي ولو خلا منها اسم المُرسِل !

س/ كيف توفقين بين الكتابة ومشاغلك الأخرى ، وهل  هناكَ تعارض ؟
بالتأكيد لكل شخص التزامات لابد من قضائها على الوجه الأكمل ، وكذلكَ  الأمر بالنسبة لكتابة أي موضوع عندما تخطر على بالي فكرته تعد التزاماً بالنسبة لي و لابد من إنهائه على أكمل وجه ، فأنا احترم قارئ أحرفي كثيراً وأحرص على أن يستفيد من مقالاتي بالمعلومات التي أقدمها له أو من خلال الأطروحات التي أناقشها ، ويقدر الإمكان أحاول الموازنة بين التزاماتي الأخرى وكتابتي للمقالات وإن كانت تعد جهد المقل ، وأسأل الله المدد والعون والتوفيق من عنده سبحانه .

س/ كلمة أخيرة توجهينها للمرأة ؟
كلمتي ستكون وصية لأخواتي الفاضلات : لابد أن نعي أن  التحدي الذي يواجه أمتنا الإسلامية  يتلخص في ضرب مواطن القوة التي تحول دون اختراق المجتمعات الإسلامية ، ولا شك أن الأسرة الإسلامية المتماسكة هي أهم مواطن هذه القوة وأحد أركانها المرأة ، ورحم  الله من وصف منزلة المرأة فأجاد بقوله : ( إن المرأة تهز المهد بيمينها ، وتهز العالم بشمالها )  ،   ولاشك أن عملية الاستهداف  هذه تتطلب منا كمسلمات استيعاب  الهجمة الحالية  بعيداً عن الانفعال الوقتي و الاستجابة العفوية  ، و التسلح بالصبر ، بالإضافة إلى التبصر بكيفية إدارة هذه المعركة الثقافية  .
فلسنا  بحاجة إلى تحسين صورة المرأة السعودية أمام العالم الغربي -  كما يتردد حالياً – بل نحن بحاجة لاستحثاث الهمم وعدم العزوف عن هذه القضية الهامة   ، فخير من يدافع عنها هي المرأة نفسها ، فمعركتنا لم تعد معركة هزيمة ونصر بل هي معركة وجود  ولاوجود  .
فإياكِ و الإحباط ، والاستكانة ، والركون ، والتولي ، وتذكري قول الله تعالى : ( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) فأول الغيث قطرة ، ومانراه في الأفق من جهود خيِّرة  لهو بشارة خيرٍ لنا جميعاً ، وإن غداً لناظره قريب.
وفي الختام أسأل الله العلي العظيم  أن يوفق الجهود الداعمة للخير ما استطاعت ، والشكر الجزيل لجريدة المدينة على تفضلها بإجراء هذا الحوار الذي أسأل الله العلي القدير  أن ينفع به ، و مباركُ قدوم شهر الرحمة والمغفرة ، وكل عام وجميع المسلمين بخيرٍ .

في الختام نشكر للأخت الفاضلة : قمراء السبيعي  هذا الحوار الذي شرفتنا به ، ونتمنى لها ولكل فكر نير يساهم في بناء المجتمع التوفيق والسداد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق